قال الخبير المصرفي والاقتصادي الدكتور أحمد شوقي أن قرار الحكومة برفع أسعار العائد على مبادرات التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل يمثل خطوة استراتيجية لضبط إيقاع السياسة النقدية وتحقيق اتساق بين توجهات الدولة في دعم الفئات المستهدفة والحفاظ على الاستقرار المالي.
وأوضح شوقي أن التعديل الجديد يعكس رؤية أكثر توازناً في إدارة المبادرات التمويلية، حيث يأتي في مرحلة تشهد فيها السياسة النقدية تحولات مهمة بعد أن قام البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة الأساسية بنحو 6.25% منذ بداية العام 2025، بهدف دعم النشاط الاقتصادي والسيطرة على التضخم في آن واحد.
وأشار إلى أن المبادرات العقارية ذات العائد المنخفض كانت قد ساهمت خلال الأعوام الماضية في تنشيط الطلب على العقارات، لكنها في الوقت نفسه دفعت الأسعار للارتفاع نتيجة زيادة القوة الشرائية في السوق، ما خلق فجوة بين العائد الممنوح في المبادرات وأسعار العائد السائدة في السوق، والتي تراوحت خلال الفترة الأخيرة بين 19% و14%.
وأضاف أن تعديل سعر العائد لمتوسطي الدخل إلى 12% متناقصة بدلاً من 8%، ولمحدودي الدخل إلى 8% متناقصة بدلاً من 3%، يأتي لتقليص هذه الفجوة، وجعل المبادرات أكثر استدامة وتمويلاً ذاتياً من دون أن تتحمل الدولة أو القطاع المصرفي أعباء تمويلية مرتفعة، مؤكداً أن هذه الخطوة ستضمن استمرار المبادرات العقارية لسنوات أطول مع الحفاظ على طابعها الاجتماعي.
ولفت شوقي إلى أن رفع العائد على مبادرات التمويل العقاري يتماشى مع توجهات السياسة النقدية في مكافحة التضخم، إذ يسهم في ترشيد الطلب وتحقيق توازن بين العرض والطلب الحقيقي في السوق العقاري، كما يساعد على منع تكون فقاعة سعرية قد تهدد استقرار القطاع مستقبلاً.
وتابع الخبير المصرفي قائلاً إن القرار الجديد يمثل رسالة طمأنة للمستثمرين والممولين، حيث يؤكد مرونة الحكومة والبنك المركزي في إدارة أدوات التمويل والدعم بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية، مضيفاً أن السوق العقاري سيستفيد من هذه الخطوة عبر تحقيق استقرار سعري نسبي وعودة التمويل إلى مساره الطبيعي بعيداً عن المبالغة في الطلب أو المضاربة.
وشدد شوقي على أن الهدف الأساسي من القرار هو تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستقرار النقدي، موضحاً أن الدولة لا تتراجع عن دعم محدودي ومتوسطي الدخل، لكنها تعمل على إعادة هيكلة هذا الدعم بشكل يضمن استمراريته، بحيث يستفيد منه من يستحق فعلاً دون الإضرار بالسياسات النقدية الكلية.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد تأثيراً إيجابياً مزدوجاً للقرار؛ الأول يتمثل في تعزيز الثقة في السوق العقاري واستدامة التمويل الموجه له، والثاني في تحسين كفاءة إدارة الموارد المصرفية بما يتوافق مع معدلات الفائدة الجديدة في السوق، وهو ما يصب في مصلحة الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط والطويل.