شهدت أونصة الذهب العالمي أسبوع تداول قياسي لتسجل مستوى تاريخي جديد، في ظل استمرار الطلب المرتفع على الذهب كملاذ آمن مع استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية التي دفعت المتداولين إلى تجاهل تأثير بيانات الوظائف الأمريكية.
ارتفع سعر الذهب الفوري العالمي خلال الأسبوع الماضي بنسبة 4.4% وهي أعلى نسبة ارتفاع منذ أربعة أسابيع، حيث سجل ارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي ليحقق الذهب أعلى مستوى تاريخي عند 2330 دولار للأونصة ليحقق ربح بمقدار 97 دولار، وفق رصد تحليلي من جولد بيليون.
واستطاع الذهب تسجيل ارتفاع خلال 8 جلسات من إجمالي 9 جلسات من ضمنهم 7 جلسات متتالية، بالإضافة إلى تسجيل مستوى تاريخي بشكل يومي متتالي لـ 6 جلسات.
ارتفع سعر الذهب منذ بداية العام بنسبة 13% ليشهد منذ بداية شهر مارس أداء قياسي من الصعب تكراره، حيث ارتفاع منذ بداية شهر مارس وحتى تسجيل أعلى مستوى تاريخي يوم أمس الجمعة بنسبة 14% ليربح 286 دولار في 6 أسابيع تقريباً.
جاء هذا الارتفاع في أسعار الذهب مدعوما بارتفاع الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق المالية في المقام الأول، وهو ما اتضح خلال الأسبوع الماضي من ارتفاع مؤشر VIX لتقلبات الأسواق والذي يسمى مؤشر الخوف إلى اعلى مستوياته منذ 5 أشهر تقريبا ونتيجة لهذا انخفضت الأسهم الأمريكية والأسهم العالمية بشكل عام في ظل عزوف المستثمرين عن الاستثمارات الخطرة لصالح الاستثمار في الذهب.
التوترات الجيوسياسية المستمرة في منطقة الشرق الأوسط بعد ضرب السفارة الإيرانية في سوريا، بالإضافة إلى هجمات أوكرانية على البنية التحتية النفطية لروسيا، زادت من المخاوف لدى المستثمرين لتزيد الاقبال على الذهب بشكل كبير حيث يعتبر الملاذ الآمن الأول في الأسواق.
الجدير بالذكر أن قوة الذهب خلال الأسبوع الماضي جاءت عكس توجهات الأسواق، خاصة بعد بيانات تقرير الوظائف الأمريكي التي جاءت أفضل من المتوقع في شهر مارس لتشهد تعيين وظائف جديدة بمقدار 303 ألف وظيفة بأعلى من التوقعات 212 ألف والقراءة السابقة 270 ألف. بينما تراجع معدل البطالة إلى 3.8% من القراءة السابقة 3.9%.
قوة بيانات الوظائف زادت من التوقعات أن الاقتصاد الأمريكي يظل مرن بشكل كبير بدعم من قطاع العمالة، وبالتالي أمام البنك الفيدرالي مساحة أكبر من الوقت قبل القيام بخفض أسعار الفائدة، ونتيجة لهذا تراجعت توقعات الأسواق لخفض الفائدة في يونيو القادم إلى 53% بعد أن كانت قرابة 65% قبل صدور بيانات الوظائف الأمريكية.
كان من المفترض أن تؤدي هذه البيانات إلى خفض أسعار الذهب بسبب توقعات بقاء الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت، وهو الأمر السلبي بالنسبة للذهب لأنها تزيد من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه، ولكن قوة الطلب على الملاذ الآمن دفعت الذهب إلى تجاهل هذه العوامل والتركيز على العوامل الإيجابية المتمثلة في الطلب على الملاذ الآمن واستمرار الطلب الفعلي.
انخفض الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي بعد تذبذب كبير خلال جلسات الأسبوع حيث سجل أعلى مستوى منذ 6 أسابيع ثم تراجع ليسجل أدنى مستوى في أسبوعين، وبالتالي كانت حركة الدولار حيادية بشكل كبير، ليساهم هذا في مزيد من المكاسب للذهب.
من جهة أخرى أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 2 ابريل، ارتفاع الطلب على عقود شراء الذهب الآجلة من قبل المتداولين الأفراد والصناديق والمؤسسات المالية بهدف المضاربة بمقدار 15752 عقد مقارنة مع التقرير الماضي، كما ارتفع الطلب على عقود البيع بمقدار 7796 عقد.
التقرير يوضح أن الطلب على المضاربة مرتفع بشكل كبير على الذهب سواء في الشراء أو البيع، ولكن في المقابل الشركات الكبيرة مستمرة في العزوف عن الاستثمار في الذهب بسبب أن التوقعات في الأسواق تصب لصالح البقاء على الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول من الوقت.
توقعات أسعار الذهب
استمر سعر أونصة الذهب العالمي في تسجيل مستويات تاريخية بشكل مستمر خلال الأسبوع الماضي وذلك في ظل ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق المالية بسبب استمرار المخاوف من التوترات الجيوسياسية العالمية، بينما استطاع الذهب تجاهل تأثير البيانات الإيجابية لتقرير الوظائف الأمريكي.
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي خلال الأسبوع الماضي ليسجل مستوى تاريخي عند 2330 دولار للأونصة ليخترق السعر المستوى النفسي 2300 دولار للأونصة مما زاد من الزخم الصاعد للذهب، وأصبح الآن يستهدف المستوى 2350 دولار للأونصة.
خلال 7 أسابيع من التداول ارتفع الذهب في 6 أسابيع وتراجع بشكل محدود في أسبوع واحد فقط، وبالتالي تكون موجة الارتفاع الأخيرة للذهب لم يتخللها تصحيح سلبي صريح، الأمر الذي يجبر مؤشرات الزخم على التشبع الكبير في الشراء، ولكن حتى الآن لم تظهر علامات واضحة على البيع.
أسعار الذهب في مصر
سيطر التذبذب على أسعار الذهب في مصر خلال الأسبوع الماضي، وذلك في ظل التغيرات المحدودة في سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية وضعف الطلب على الذهب بشكل موسمي خلال شهر رمضان، ليدفع الذهب إلى تجاهل تأثير سعر الأونصة العالمية.
وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم السبت عند المستوى 3130 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 3140 جنيه للجرام، وذلك بعد أن ارتفع سعر الذهب أمس بمقدار 25 جنيه ليغلق عند المستوى 3130 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة الأمس عند 3105 جنيه للجرام.
خلال الأسبوع الماضي ارتفع سعر الذهب بمقدار 25 جنيه بنسبة ارتفاع 0.8% حيث اختتم تداولات الأسبوع عند المستوى 3130 جنيه للجرام بعد أن افتتح الأسبوع عند المستوى 3105 جنيه للجرام.
خلال الأسبوع سيطر التذبذب حول المستوى 3100 جنيه للجرام على تحركات أسعار الذهب المحلي، في ظل عدم وضوح الاتجاه حالياً في سوق الذهب بسبب عدم التغيرات الكبيرة في سعر صرف الدولار في البنوك الرسمية، حيث اختتم الأسبوع عند متوسط سعر 47.45 جنيه لكل دولار.
الطلب المحلي على الذهب خلال شهر رمضان شهد تراجع الأمر الذي حد من فرص ارتفاع الذهب في مصر، بينما حد أيضاً من تأثير التحركات القياسية في أسعار أونصة الذهب العالمي على سعر الذهب المحلي.
وأظهر الاقتصاد المصري تباطؤ خلال الربع الثاني من العام المالي 2023 – 2024 ليتراجع إلى 2.3% بعد أن كان بنسبة 2.63% في الربع الأول، وخلال نفس الربع من العام المالي السابق كان الاقتصاد المصري يشهد نمو بنسبة 3.9%.
من جهة أخرى أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لديه إلى 40.36 مليار دولار مع نهاية شهر مارس، بزيادة أعلى من 5 مليار دولار مقارنة مع الاحتياطي في شهر فبراير الماضي، ليعد هذا أعلى مستوى للاحتياطي النقدي منذ عامين.
ساعدت صفقة الاستثمار في رأس الحكمة التي تبلغ إجمالي استثماراتها 35 مليار دولار مع الامارات في دعم الاحتياطي النقدي بشكل كبير.
توقعات الذهب في مصر
أغلق سعر الذهب المحلي يوم أمس فوق المستوى 3100 جنيه للجرام عيار 21 وذلك على الرغم من تراجعه، ولكن بشكل عام يبقى الذهب المحلي يتحرك ضمن اتجاه عرضي حول هذا المستوى، وقد يستمر هذا الوضع حتى نهاية شهر رمضان.
استكمال صعود الذهب خلال الفترة القادمة يتطلب الاستقرار فوق المستوى 3100 جنيه للجرام ثم اختراق المستوى 3150 جنيه للجرام، ولكن الذهب يبحث عن دعم كافي لإمكانية تحقيق هذا سواء من حدوث ارتفاع في سعر الصرف أو من الارتفاع الحالي في سعر الأونصة العالمية.