أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن إعداد الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري، هو محصلة لإنجازات وجهود عديدة قامت بها الدولة المصرية في سعيها لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية ثرواتها الطبيعية، لافتة إلى أن قطاع المخلفات هو أساس فكرة الاقتصاد الدائري وهو الأسهل في التعامل حيث تم قطع شوط كبير وتحقيق الكثير من النجاحات في هذا الملف.
وشددت ياسمين فؤاد، على ضرورة التركيز على قطاعات أخرى مهمة كقطاع الصناعة، وقطاع المنسوجات، وقطاع المياه، ولذلك عملت الوزارة على العديد من المشروعات في مجال إعادة استخدام المياه في العملية الصناعية (الدوائر المغلقة)، بالإضافة إلى ضرورة التركيز في الاستراتيجية على قطاع التعبئة والتغليف وإعادة الاستخدام، وقد عملت العديد من الشركات بالفعل على هذا القطاع.
وأشارت إلى ضرورة التركيز على قطاع البترول وإعادة استخدام الكربون مرة أخرى، فضلا عن قطاعات التشييد والبناء، والزراعة والغذاء، والسياحة وغيرها من القطاعات.
كما أكدت ضرورة التركيز أثناء إعداد الاستراتيجية على فكرة ربط الاقتصاد الدائري بالتنوع البيولوجي والذي يضم في مكنونه الحديث عن التلوث، وملف البلاستيك، خاصة وأن دول العالم حاليًا في طريقها للتصديق على اتفاقية البلاستيك بنهاية الشهر الجاري.
جاء ذلك خلال افتتاح وزيرة البيئة، أولى الجلسات الحوارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري، والتي يتم إعدادها من خلال مؤسسة ACEN Foundation من خلال مشروع الاتحاد الأوروبي للنمو الأخضر “EU-Green”، وبالتعاون مع البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة “NSWMP EU Green”، وبحضور كريستين دي جي، مدير البرنامج الوطني بهيئة التعاون الدولي “giz”، وسيلفي فونتين، مسؤولة مشروع البيئة وتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي، وكوين راديماكرز، رئيس مؤسسة “ACEN”، والدكتور ياسر عبد الله، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات “WMRA”، والمهندسة سماح صالح، رئيس وحدة التنمية المستدامة، والدكتور خالد قاسم، مساعد وزيرة التنمية المحلية، وعدد من ممثلي الوزارات وشركاء التنمية وممثلي القطاع الخاص.
وأشارت وزيرة البيئة، إلى أن من أهم الإنجازات التي وضعت حجر الأساس لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية ثرواتها الطبيعيه، هو صدور القوانين البيئية وأهمها قانون المحميات الطبيعية 102 لسنة 1983، وقانون البيئة لسنة 1994 وتعديلاته، وكذلك قانون حماية نهر النيل والمجاري المائية لسنة 1982.
وأكدت أن صدور قانون تنظيم إدارة المخلفات عام 2020 ولائحته التنفيذية عام 2022، يعد خطوة مهمة نحو التحول للاقتصاد الدائري ويعكس توجه الدولة من وضع القوانين والتشريعات نحو الإنتاج والاستهلاك المستدام ووضع آليات للتنظيم والإدارة والمتابعة والتحفيز لكل الشركاء للمساهمة بوضع البدائل والحلول وفي إطار من تحديد الأدوار والمسئوليات لكل الأطراف المعنية وبما يضمن فتح مجالات للاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة، وهو صلب التحول للاقتصاد الدائري وهو ما تهدف إليه وزارة البيئة من تحقيق لصون الموارد الطبيعية وعدالة استخدامها والاستغلال الأمثل لها والاستثمار فيها، ويعمل على تنويع مصادر الإنتاج والأنشطة الاقتصادية ويساهم في دعم التنافسية وتوفير فرص عمل جديدة وإيجاد بدائل غير تقليدية لها لضمان استدامتها والحفاظ على توازن النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والإدارة الرشيدة والمستدامة لها، من خلال صون التنوع البيولوجي المتميز في مصر ورفع كفاءة إدارته عن طريق المحميات الطبيعية بما يضمن لهذا التنوع البيولوجي الاستمرارية والاستدامة.
واستكملت: هناك العديد من النماذج لعدد من المشروعات القومية التي تحقق مبدأ الاقتصاد الدوار، كالمشروعات القومية لمواجهة التغيرات المناخية ومنها تنفيذ المبادرة الرئاسية “حياة كريمة “كنموذج لمشروعات التخفيف والتكيف مع آثار تغير المناخ من خلال توصيل الغاز الطبيعي، والتشجير، وإدارة المخلفات، وتبطين الترع ومحطات معالجة الصرف الصحي، وأيضًا مشروعات التخفيف من آثار تغير المناخ التي تقوم على الاقتصاد الدوار، ومنها تنفيذ المشروعات القومية للطاقة الجديدة والمتجددة، مثل مشروعات كفاءة الطاقة، ومجمع بنبان للطاقة الشمسية أكبر مجمع لتوليد الكهرباء النظيفة في الشرق الأوسط، ومشروعات طاقة الرياح، والنقل المستدام كمترو الأنفاق والمونوريل، ومشروعات إدارة المخلفات وتحويلها لطاقة (وقود حيوي أو طاقة كهربائية) ومشروعات البنية التحتية لمنظومة إدارة المخلفات، ومشروعات تبطين الترع وتحلية مياه البحر والحماية من السيول ومحطات معالجة الصرف الصحي.
وتابعت وزيرة البيئة، أن وضع الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري بمثابة الطريق لتسريع الخطى نحو اقتصاد دوار يرفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والمواد الخام ومدخلات الإنتاج، كما يضع نظمًا للحد من المخلفات وآلية الاستفادة منها لتقليل التأثيرات السلبية على الأنظمة الطبيعية والتنوع البيولوجي والتي تشكل رأس المال الطبيعي الذي تبنى عليه كل تلك الأنشطة الاقتصادية.
ولفتت الوزيرة، إلى أن وضع التحرك بخطى مستدامة نحو الاقتصاد الأخضر كأحد الركائز للتوجه الاستراتيجي للاقتصاد المصري التي وضعها مجلس الوزراء في توجهها الرابع وهو اقتصاد تنافسي مستدام، يعد انعكاسًا واضحًا نحو إيمان الدولة بأهمية التحول من الاقتصاد الخطي إلى اقتصاد يراعي أبعاد التنمية المستدامة، بالإضافة إلى إدماج الأبعاد البيئية في كل خطط وبرامج الحكومة ووضع المشروعات البيئية ضمن برنامج الأمن القومي وهو ما يوضح ما تراه مصر من أهمية حماية مواردها الطبيعية وتوجهها الحقيقي نحو اقتصاد أخضر يحقق مبادئ الاقتصاد الدائري.
وفي ختام كلمتها، دعت وزيرة البيئة، شركاء التنميه، للتركيز والدعم لمختلف القطاعات الأخرى، وبذل قصارى الجهود للخروج باستراتيجية تحدد أولويات المرحلة الحالية والمستقبلية والمبنية على كل المعطيات والتحديات مع الرؤية المستقبلية لما يمكن تحقيقه لهذا التوجه الحتمي نحو الاقتصاد الدائري.
وتضمنت الجلسة الحوارية، استعراض مفهوم الاقتصاد الدائري وعلاقته بالقطاعات المختلفة، كما تم استعراض استراتيجية الاقتصاد الدائري الإفريقي وخطة العمل وكيفية ربطها بمختلف القطاعات على المستوى الوطني، فضلًا عن عقد جلسة خاصة لاستعراض بعض المشروعات المنفذة حاليًا بمصر والتي تتبنى مفهوم الاقتصاد الدائري، بالإضافة إلى مناقشة بعض القطاعات التي ستترك أثرًا واضحًا عند تبني تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري ومنها التعبئة والتغليف، والنسيج والمخلفات، والاتصالات والإلكترونيات، والتشييد والبناء، والزراعة والغذاء، والسياحة، كما تم مناقشة والاتفاق على خارطة الطريق المستقبلية.
وتضمنت محاور المناقشات خلال الجلسة الحديث عن أولويات الدولة المصرية في الوقت الحالي لترشيد استخدام الموارد والطاقة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في ظل وثيقة سياسة ملكية الدولة ومبادئ الاقتصاد الدائري والقائم على أسس الخفض وإعادة الاستخدام والتدوير لتقليل التأثيرات السلبية على الأنظمة الطبيعية والتنوع البيولوجي، وتطوير البنية التحتية لمنظومة إدارة المخلفات بكل أنواعها، حيث يتولد في مصر حوالي 25 مليون طن من المخلفات البلدية، وتم إنشاء 19 محطة وسيطة ثابتة و14 متحركة و28 مدفنًا صحيًا.
كما تناولت المناقشات، الحديث عن المناخ الداعم للاستثمار في مجال المخلفات ومنها إنشاء جهاز تنظيم إدارة المخلفات، وصدور قانون تنظيم إدارة المخلفات ولائحته التنفيذية، وإنشاء النظام الوطني لإصدار التراخيص والتصاريح والموافقات، ووضع استراتيجية المتبقيات الزراعية، واستراتيجية الهدم والبناء، وقرار التعريفة المغذية لإنتاج الطاقة من المخلفات، بالإضافة إلى قرار رسوم خدمات الإدارة المتكاملة للمخلفات، وإنتاج الوقود البديل لاستخدامه في مصانع الأسمنت، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، بالإضافة إلى المشاورات الحالية الخاصة بتطبيق نظام المسئولية الممتدة للمنتج في ضوء تطبيق المادة 17 من قانون المخلفات حيث تم عقد اجتماعين تشاوريين مع شركات القطاع بشأن آليات التطبيق.
جدير بالذكر أن مجلس الوزراء كان قد وجه بتشكيل لجنة وطنية برئاسة وزارة البيئة وتضم ممثلي الوزارات والجهات المصرية المعنية لتفعيل الخطوات المقترحة فيما يخص الاقتصاد الدائري القاري الإفريقي برئاسة جهاز تنظيم إدارة المخلفات وعضوية وزارات (النقل والصناعة – الخارجية – الزراعة واستصلاح الأراضي- التنمية المحلية – الكهرباء – الاتصالات – الموارد المائية والري – السياحة)، والهيئة العامة للاستثمار، وجمعية رجال الأعمال، وأكاديمية البحث العلمي، واتحاد غرف الصناعات، وجار صدور القرار