أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول “الطائرات المسيّرة”، تناول من خلاله التطور التاريخي لإنتاج الطائرات المسيّرة وأنواعها واستخداماتها، وخاصة استخداماتها في الحروب والمعارك الحديثة، مع الوقوف على الإطار القانوني المُنظم لاستخدامها، بالإضافة إلى أبرز الأرقام والمؤشرات ذات الصلة بقائمة الدول المنتجة والمصدّرة لمختلف أنواع “الدرونز”، وحجم الاستثمارات بهذه السوق، ومحاولة استشراف حجم تأثير هذه الطائرات في حروب المستقبل.
وأوضح التقرير أنه من أوكرانيا إلى غزة، أصبحت الطائرات دون طيار، أو ما يُعرف بـ “الطائرات المسيّرة” “الدرونز” أداة أساسية في ميادين المعارك، وفي مناطق متفرقة من العالم، لتشكل أساسًا لا غنى عنه لحروب الحاضر والمستقبل، خاصة وأن امتلاكها لم يعد يقتصر على الجيوش النظامية فحسب، وإنما امتد إلى الفاعلين المسلحين من غير الدول، وتكمن خطورة الطائرات المسيّرة في انخفاض تكلفتها، وعدم حاجتها إلى وجود عنصر بشري لقيادتها، ومن ثمّ القدرة على امتلاك وتطوير أعداد متزايدة منها، هذا فضلًا عن قدرتها على توجيه ضربات دقيقة وموجعة للعدو.
وأشار التقرير إلى أن الطائرات دون طيار تُعرف بأنها مركبات جوية “غير مؤهلة” أي لا يوجد على متنها طاقم أو ركاب، ويمكن التحكم فيها عن بُعد، إما بواسطة طيار، وإما جهاز كمبيوتر، وذلك عبر برامج محددة باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
وقد استعرض التقرير أنواع الطائرات المسيرة وفقاً لحجمها وطبيعة استخداماتها، كما أشار إلى تعدد استخداماتها في الأغراض المدنية والعسكرية على حدٍ سواء كالآتي:
-الاستخدامات المدنية: حيث شهدت هذ الطائرات تطوراً بالغاً في الآونة الأخيرة متجاوزة الأهداف العسكرية، ليتم الاعتماد عليها في العديد من الأغراض المدنية، ومن أبرز هذه الاستخدامات: تنظيم حركة المرور ومراقبة الطرق السريعة، فحص الجسور والسدود والمباني الشاهقة، ومراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية ومكافحة أنشطة التهريب والهجرة غير الشرعية، ومراقبة المحاصيل الزراعية ومكافحة الآفات ورش المبيدات في المناطق الزراعية الشاسعة، ودعم جهود البحث والإنقاذ لخفر السواحل، وإجراء مسوحات دقيقة للأراضي وفحص خطوط الكهرباء وتأمين خطوط الأنابيب ومحطات الطاقة النووية، والكشف عن حرائق الغابات وتقديم خدمات الإطفاء، وتقديم خدمات الأرصاد الجوية والتنبؤ بالظواهر المناخية، والتصوير وتحديد إحداثيات المواقع، وتستخدم في الأغراض التجارية من قبل الشركات عبر إرسال طرود بريدية بواسطة هذه الطائرات بعد الحصول على الموافقات القانونية اللازمة لذلك.
-الاستخدامات العسكرية: حيث تهتم الجيوش النظامية وغير النظامية بتطوير وامتلاك الطائرات المسيرة، لاضطلاعها بمهام عسكرية لا غنى عنها في حروب الحاضر والمستقبل مثل مهام المراقبة والاستطلاع وتقديم معلومات استخباراتية دقيقة في وقت قياسي، وتحسين الاستجابة الطبية وعمليات الإنقاذ للجنود لاسيما وإنها مزودة بأجهزة استشعار تمكنها من الوصول إلى الجنود المصابين العاجزين عن الحركة، والذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، وتأمين القواعد العسكرية، إذ يمكنها البقاء على ارتفاع عالٍ لفترات طويلة، بما يمكنها من اكتشاف أي خطر في محيط القاعدة أو داخلها مما يعزز أمن وسلامة الجنود.
واستعرض التقرير عدد من المزايا التي ترتبط باستخدام الطائرات المسيرة ومنها:
-التكلفة القليلة: إذ تعتبر هذ الطائرات أقل تكلفة من الطائرات التقليدية، ويمكن للدول الحصول عليها بأعداد كبيرة لتدمير دفاعات الخصم.
-مخاطر بشرية أقل: حيث تحافظ الطائرات دون طيار على حياة الطيارين، ما يقلل الخسائر في القوات الجوية.
-مرونة الاستخدام وتعدد المهام: إذ يمكن لتلك الطائرات الطيران على ارتفاع أعلى وأسرع ولفترات أطول، مما يجعلها مثالية لمهام الاستطلاع وتنفيذ الضربات الدقيقة، كما أثبتت هذ الطائرات فاعليتها في توفير البيانات في الوقت المناسب للقوات البرية.
أشار التقرير إلى أن قيمة السوق العالمية للطائرات بدون طيار بلغت نحو 25.3 مليار دولار أمريكي خلال عام 2024، كما أنه من المتوقع أن تصل إلى 133.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 13.4% خلال الفترة من 2024 إلى 2033، وذلك وفقاً لتقرير “Global Drone Market 2024-2033” الصادر عن شركة “Customer Market Insight” والذي صنف سوق الطائرات بدون طيار كالتالي:
-استناداً إلى النوع؛ يتم تصنيف السوق إلى طائرات دون طيار ثابتة الجناحين، وطائرات دون طيار ذات الأجنحة الدوارة، وطائرات دون طيار هجينة، وفي عام 2023 هيمنت الطائرات دون طيار ذات الأجنحة الدوارة على السوق بحصة سوقية بلغت 60.7%، ومن المتوقع أن تحافظ على هيمنتها خلال الفترة من 2024 إلى 2033.
-وفقاً للقطاعات المستفيدة؛ يتم تصنيف سوق الطائرات دون طيار وفق القطاعات التي يتم استخدامها فيها وهي: الزراعة، والنقل والخدمات اللوجستية، والطاقة، والإعلام والترفيه، والعقارات والبناء، والأمن وإنفاذ القانون، وغيرها، وقد هيمن قطاع الأمن وإنفاذ القانون على سوق الطائرات دون طيار في عام 2023، بحصة سوقية بلغت 26.8% ومن المتوقع أن يحافظ على هيمنته خلال الفترة من 2024 إلى 2033.
-حسب المنطقة؛ تنقسم سوق الطائرات دون طيار بين أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا، والمحيط الهادي، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط وأفريقيا. وقد هيمنت أمريكا الشمالية على السوق العالمية للطائرات دون طيار في عام 2023، بحصة سوقية بلغت 40.1%، ومن المتوقع أن تحافظ المنطقة على هيمنتها خلال الفترة من 2024 إلى 2033.
وقد أبرز التقرير أكبر 5 دول على مستوى العالم من حيث عائدات سوق صناعة الطائرات دون طيار حتى يونيو 2024 وهي كالآتي: الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن الطائرات دون طيار لها تأثير في حروب المستقبل وذلك من خلال: تزايد استخدام الطائرات دون طيار في الحروب العسكرية في السنوات الأخيرة؛ حيث توفر عدداً من المزايا مقارنة بالطائرات التقليدية، بما في ذلك: التكلفة الأقل، والقدرة الأكبر على التحمل، وتقليل المخاطر على الطيارين، فضلاً عن تعزيز المرونة، فضلاً عن تقليص الاعتماد على الأسلحة المتطورة مرتفعة التكلفة: ما قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى الإقليمية والعالمية، والحد من استخدام الأسلحة المتطورة التي لا تستطيع سوى القوى العظمى تحمل تكلفتها، كما أنه من المرجح مع استمرار تقدم التكنولوجيا التي تعتمد عليها، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ستصبح الطائرات بدون طيار أكثر قدرة وتنوعاً، وسيتزايد استخدام الطائرات بدون طيار في مهام المراقبة والاستطلاع؛ حيث أفات دراسات نقلاً عن وثائق صدرت عن الجيش الأمريكي، بأنه بحلول عام 2035، ستقوم الطائرات دون طيار بنحو 95% من مهام الاستطلاع.
وأضاف التقرير أنه في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والتقدم الملحوظ في مجال البرمجيات، من المرجح أن يتم توظيف الطائرات دون طيار على نطاق أوسع لا يقتصر فقط على الجانب المادي، ليتم توظيفها في الحروب السيبرانية، ولذلك؛ فإنه من المتوقع أن تكون هناك مساع دولية لتقنين امتلاكها وردع مخاطرها، وأن تصبح مواجهة التهديد الناشئ عنها أولوية في خطط الجيوش النظامية وقوات إنفاذ القانون.
وأفاد التقرير في ختامه أنه من المتوقع أن يكون للطائرات دون طيار تأثير عميق في الحروب المستقبلية، ليس فقط من خلال تعزيز قدراتها الحالية، ولكن أيضاً من خلال إدخال نماذج عملياتية جديدة، ما يؤثر في القرارات التكتيكية والاستراتيجية للصراعات المستقبلية، ويؤكد الحاجة إلى البحث والتطوير المستمرين في تكنولوجيا الطائرات دون طيار، والأطر التنظيمية والقانونية المنظمة لاستخداماتها في الأغراض العسكرية.